التعلم والتعليم :

تتم عملية تعليم الطلاب في أغلب المدارس في الوطن العربي بأسلوب التلقين المباشر فالمعلم يبذل جهدا كبيرا في إخبار الطلاب عن المعلومات وسردها عليهم لفظيا دون أن يكون لهم دور سوى الاستماع والانصات في أغلب الوقت ، مما أدى إلى إيجاد جيل سلبي يأخذ بالمسلمات على علاتها دون تفكير أو نقد لما يقدم له من معلومات فأصبح لا يفرق بين المعقول وغير المعقول و لا يعرف ما ينفعه وما يضره بل تجب رعايته باستمرار من قبل الآخرين ، فلم تتبلور شخصياتهم ولم تستقل عن الغير وهم بهذه الصفة لاينفعون أنفسهم ومجتمعهم وأمتهم في شيء، الأمر الذي يدعونا للتفكير جديا في الأنماط التدريسية التي نمارسها مع الطلاب ، والتي أدت إلى هذه النتائج السيئة، وأحد الأسباب الرئيسية هو التعليم التقليدي ، ولإحداث التغيير الإيجابي في شخصيات الطلاب ولتتحقق الأهداف السامية للتربية يلزم تغيير هذ النمط من التعليم إلى أساليب وطرق تدريسية ومواقف تعليمية أكثر حيوية وتأثيرا في الطلاب ، ويجب توظيف نظريات التعلم المتوفرة ليتعلم الطلاب بصورة أفضل ومن هذه النظريات التي ثبت فعالية تطبيقها في تكوين أفضل لشخصيات الطلاب المتوازنة نظرية التعليم السلوكية والنظرية البنائية(بناء المعرفة) .


النظرية السلوكية للتعلم والتعليم :

تعتمد نظرية التعليم السلوكية على ان التعلم يحدث نتيجة مثير ما دون أن يكون للتفكير الواعي أثر كبير في حصول التعلم مثل تعليم الحيوانات بعض الحركات والاستجابة لمثيرات معينة مثل رؤية الطعام أو تقديمه لها ، فيحدث التعلم ويحفز هذا التعلم بتقديم محفزات تشجيعية (Skinner) أو رضى داخلي وشعور بالسرور والابتهاج لدى المتعلم نتيجة التعلم.

كيف يمكن توظيف هذه النظرية في تعليم الطلاب ؟

مما سبق نجد أن تقديم المثيرات الجيدة تؤدي إلى تعلم أفضل فيجب تنويع طرق التدريس واستخدام وسائل من شأنها زيادة اهتمام الطالب بالمادة المدروسة أو بموضوع الدرس ، ويلزم تشجيع الطلاب بشتى الوسائل الممكنة اللفظية والمادية والمعنوية.

النظرية البنائية :

تعتمد النظرية البنائية للمعرفة على أن الفرد يبني معرفته بنفسه من خلال مروره بخبرات كثيرة تؤدي إلى بناء المعرفة الذاتية في عقله ، أي أن نمط المعرفة يعتمد على الشخص ذاته فما يتعلمه (علي) عن موضوع معين يختلف عن ما يتعلمه (محمد) عن نفس الموضوع بسبب اختلاف الخبرات التي مر بها كل من (علي ومحمد) وما يمتلكه كل منهما مسبقا عن الموضوع.
ويمكننا النظر إلى المعلومات المتوفرة في المصادر المختلفة وكأنها مواد خام لايستفيد منها الإنسان إلا بعد قيامه بعمليات معالجة لها مثل الطعام غير المهضوم والطعام المهضوم الذي يستفيد منه الإنسان فبعد وصول المعلومة للطالب يبدأ يفكر فيها ويصنفها في عقله ويبوبها ويربطها مع مشابهاتها إن وجدت وهكذا إلى أن يصبح ما تعلمه ذا معنى ومغزى وفي هذه اللحظة نقول بأن الطالب تعلم شيئا ، وفي هذه اللحظة أصبح الطالب أو الفرد قادرا على استخدام هذه المعلومة في حياته أو توليد معرفة جديدة، وبهذا يتحول الطلاب والأفراد من مستهلكين للمعلومات إلى منتجين لها .

كيف يمكن توظيف هذه النظرية في تعلم الطلاب ؟

مما سبق نجد أن النظرية البنائية بما تحوية من فلسفة تربوية تقدم تعلما أفضل وحبذا تطبيقها في العلوم المختلفة الانسانية والتطبيقية والرياضية ، وهذا يحتم علينا كمعلمين عدم التسرع وتقديم المعلومات للطلاب على أطباق من ذهب أو فضة بل يجب تكليفهم بعمل ما للحصول على المعلومة مثل البحث عنها في مصادر المعلومات المختلفة المتوفرة - المكتبة ،البيت ،الانترنت إلخ ، وعمل البحوث العلمية المناسبة لسنهم ، ورفع مهاراتهم في مجال الاتصال بالآخرين بشتى أشكاله التقليدية اللفظية اللغوية والالكترونية لتبادل المعلومات والخبرات وتوفير بيئة ثرية بالمعلومات ومصادرها و العمل على ايجاد قدرا من الدافعية لضمان استمرار الطلاب في العمل مع مراعاة مناسبة شتى الأنشطة لعمر الطلاب واستعدادتهم الذهنية والعضلية.